Contact us

مدارس السياسة الدولية

        هناك ثلاث مدارس أساسية في تفسير الصراع الدولي ترى المدرسة الأولى أن الصراع الدولي هو جزء من طبيعة الإنسان فالصراع هو تعبير عن النزعات الآنانية والعدوانية الغريزية التي ولد بها لفرد والتي تدفع بالعلاقة البشرية إلى حالة تشبة حالة الطبيعة الأولى فهناك أولاً نزعات غريزية عدوانية أصيلة في البشر تدفعهم نحو الصراع فيرى عالم الانثروبولوجيا كونراد لورنز أن لعدوان هو غريزة بشرية ونتيجة لتلك الغريزة فإن البشر يتجهون نحو التقوقع في إقليم معين للتأكد من الأمن والحماية ضد عدوان الآخرين، ومن هنا يتصارع البشر حول السيطرة على الأرض، كذلك فإن عالم النفس فرويد يرى أن الصراع ينتج عن التناقض بين متطلبات الأنا الغريزية العدوانية واحتياجات الحياة الاجتماعية التعي تتطلب كبت هذه المتطلبات، ومن هنا ينشأ العذاب النفسي للإنسان لاذي يؤدى بدورة إلى الصراع، لأن الكبت ظاهرة مؤقة وغير كاملة لابد أن تندلع في لحظة في شكل صراع وحرب، وفي هذا الاطار يعزو بعض الدارسين الحروب الدولية إلى الشخصية العدوانية للقادة السياسيين، والواقع أن هذه النظرة لمصدر الصراع ينتج عنها الاعتقاد بأن الصراع الدولي لا يمكن حله، فالقول أن الصراع هو جزء من طبيعة البشر يؤدى بنا إلى  الاعتقاد أن حل الصراع يتطلب تغيير طبيعة البشر وهو أمر يصعب تحقيقة.
        ترى المدرسة الثانية أن الصراع الدولي يكمن في طبيعة التنظيم الداخلي للدولة فالماركسية ترى أن الصراع الدولي هو نتيجة للتنظيم الرأسمالي للدول. فهذا التنظيم من شأنه أن يخلق تناقضات بين الطبقة العاملة والطبقة الرأسمالية كما أنه يخلق أزمات اقتاصدية كأزمات افراط الانتاج، والوسيلة الأساسية لتخفيف حدة هذا الصراع هي البحث عن أسواق خارجية مما ينتج عنه تنافساً دولياً بين الدول الرأسمالية يؤدى بدوره إلى نشوب الحروب الدولية كالحرب العالمية الأولى في نظر الماركسيين فإن الوسيلة الوحيدة لتجنب هذا الصراع هي تعغيير النظام الرأسمالي للدول وتحويلة إلى نظام اشتراكي حيث أنه في مثل هذا النظام ينتفي التناقص الطبقى الذي هو جذر الصراع ، بالعكس ترى المدرسة الليبرالية أن هناك انسجاماً طبيعياً بين مصالح البشر والدولة، إلا أن الصراعات تحدث نتيجة للتنظيم اللاديمقراطي للدولة ففي ظل هذا التنظيم تكون الصراعات الدلولة أداة تستعملها الحكومات لزيادة الضرائب وتقوية سلطاتها الدكتاتورية على المواطنين بعبارة أخرى، فأن سبب لاصراع الدولي هو وجود حكومات غير ديمقراطية، ومن ثم ، فإن الديمقراطية في نظر المدرسة الليبرالية تعنى الحل السلمي والطبيعي لمشاكل الدولة الداخلية وبالتالي انتفاء الصراع الدولي وينتمى إلى هذا التفسير الفيلسوف توماس والمدرسة الليبرالية الجدية المعاصرة.
        وترى المدرسة الثالثة أن الصراع الدولي هو نتيجة لظارهة الفوضى الدولية التي تميز النظام الدولي فهذا النظام في نظر هذه المدرسة يتميز بانعدام وجود سلطات تشريعية وقضائية وتنفيذية أي انعدام سلطة  عليا تفرض على الدول احترام حقوق الآخرين بعبارة أخرى، طالما أن الدولة هي الحكم النهائي في تحديد مصالحها فإنه لا يوجود ما يمنعها من اللجوء إلى الحروب والصراعات لتحقيق مصالحها، أي أن طبيعة النظام الدولي الكلي تشجع الدول على الدخول في صراعات ينتج عن هذه النظرة اعتبار أن الحل الوحيد للصراع الدولى هو إيجاد آليه فعالة فى النظام الدولى من شأنها أن تحد من قدرة الدول على الدخول فى صراعات وحروب ومن ذلك مشروعات الحكومة العالمية ومشروعات الأمن اجماعى فهى تهدف إلى إيجاد تنظيم من شأنه منع العدوان .
     وأخيراً فإن الصراع ليس مرادفاً للحرب ولكن الحرب هى إحدى أشكال الصراع التى تتسم بإستخدام العنف المسلح للصراع وقد يميز شكل الحرب المسلحة وقد يتخذ شكل التهديد السياسى والمقاطعة الإقتصادية كما أن الأزمة الدولية مفهوم مختلف ينصرف إلى الموقف المفاجىء الذى يشكل تهديداً للفهم الساسية للدولة ولا يترك الأخير زمنياً محدوداً للتعامل معه مع إحتمال إرتفاع نشوب الحرب فالأزمه هى مرحلة من مراحل الصراع تتسم بكثافة صراعية ولكنها قد لاتنتهى بإستعمال القومة المسلحة أما سباق التسلح فهو موقف يتتضمن وحدتتين دوليتين أو أكثر فى حالة من العداء يزيد كل منها أو يحسن مستوى تسليحه بمعدل سريع وينظم أوضاعه العسكرية بالنظر إلى السلوك السياسى والعسكرى السابق أو الراهن أو المتوقع للأطراف الأخرى فسباق التصرف إذن ينصرف غلى أربعه أبعاد رئيسية يلزم توافرها جميعاً حتى يتوفر موقف سباق التسلح ، وجود وحدتين دوليتين أو أكثر تدخلان فى علاقة عدائية أن كل من الوحدتين ينظم وحداته المسلحة بهدف تحسين فعالية قواته فى القتال مع قوات الطرف الأخر أو ردعه أن السباق يشمل التنافس حول كمية القوة المسلحة  ( الأسلحة والقوة البشرية ) ونوعيتها ( فعالية الأسلحة وتنظبم القوت المسلحة والعقيدة القتالية ) واخيراً ضرورة توافر شرط التزايد السريع فى كميات الأسلحة أو التحسين السريع فى نوعيات الأسلحة . تشير الدراسات التطبيقية إلى أن الصراعات الدولية المسبوقة بسباق التسلح بين الدول المتصارعه تنتهى عادة يتصاعد الصراع إلى درجة الحرب فف خلال الفترة من سنة1820 إلى سنة 1964 تصاعد 85% من الصراعات الدولية المسبوقة بسباق التسلح إلى حالة الحرب بينما إنتهى 4% فقط من الصراعات الدولية غير المسبوقة سباق التسلح غلى الحرب .
3 – التكامل الدولى
  التكامل الدولى هو عملية تعنى توظيف موارد الدول بشكل مشترك مع بقاء كل دولة متمتعه بوضعها الخاص وقد يرتقى التكامل ليصل إلى درجة الإندماج . وعملية الإندماج الدولى هى عملية من شأنها خلق كيان دولى جيد من مجموعه مختلفة من الكيانات بعبارة أخرى الإنماج الدولى هو تلك العملية التى تشكل بموجبها دولتان أو أكثر كياناً سياسياً جديداً يمكن وصفه بانه جماعة سياسية Political community  وتتحقق عملية الإندماج حينما تتوافر ثلاث شروط . الأول هو حينما تعهد الدول الداخلة فى عملية التكامل فى المؤسسات والأجهزة التكاملية بإتخاذ القرارات الهائية المتعلقة بمجموعه محدودة من القضايا والثانى هو حينما يزداد حجم القضايا والمشاكل التى يعهد إلى ذلك المؤسسات بمعالجتها وعموماً فإن الإندماج هو أعلى مرحلة للتكامل أما الثالث فهو أن تتفق الأطراف على إستبعاد إستعمال العنف كأداة لحل الخلافات بينها .
 يقترح الستاذ ناى Nye تقسيم مفهوم التكامل إلى ثلاثة مفاهيم فرعية : التكامل الإقتصادى والتكامل السياسى ، والتكامل الإجتماعى ويقترح مجموعة من المؤشرات لقياس كل من تلك المفاهيم الفرعية مما يمكننا فى النهاية من التعرف على مفهوم التكامل الكلى .
( 1 ) التكامل الإقتصادى : ويشمل بعدين أساسيين هما التكامل التجارى ويقصد به نسبة التبادل التجارى للدول الداخلة فى عملية التكامل بالمقارنة بتبادلها التجارى الكلى والخدمات المشتركة ويقصد بها الإنفاق السنوى الكلى على الخدمات المشتركة بين الدول المتكاملة كنسبة من الدخل القومى للدولة أى الإنفاق على إدارة الخدمة وليس تكاليف الخدمة نفسها كالإتفاق على إدارة نهر مشترك بين الدولتين ومع ذلك التكامل بين بعض الدول غربى أوربا فى إطار الجماعه الإقتصادية الأوربية منذ سنة 1957 .
    ( 2 ) التكامل الإجتماعى : ويقصد به الإتصالات والمعلومات بين الدول بما يؤدى مما يؤدى إلى خلق وعى عبر قومى واحد ويمكن التعرف على درجة التكامل الإجتماعى على مستوى الجماهير ، ويقصد به التبادل الإتصالى بين الدول المتجهه نحو التكامل كالتبادل البريدى أو التليفونى والتجارى وهو تبادل لا دخل للحكومات فيه بصفة مباشرة والتكامل الإجماعى على مستوى النخبه السياسية والإقتصادية فى الدول المتجهه نحو التكامل ومن المؤشرات التى يمكن أن تستعمل للتعرف على هذا البعد نسبة الطلاب الذين بتعلمون فى جامعة الدول الأخرى الأعضاء فى مجموعة التكامل من مجموع الطلاب الأجانب فى هذه الدول وكذلك حجم الطيران المدنى بين الدول المتكامللة بالنسبة إلى حجم طيرانها المدنى الكلى وحجم التبادل السياحى بين الدول ون أهم أشكال هذا التكامل العلاقات الأمريكية الكندية منذ نشأة كندا سنة 1867 .
( 3 ) التكامل السياسى : وهو عملية من شأنها تحقيق الترابط بين الدول المتجهه نحو التكامل فى مجال صنع السياسات مع خلق مؤسسات وتنظيمات كفيلة بتحقيق هذا الترابط وإيجاد نوع من الشعور باهوية سالمشتركة بين الشعوب ومن هنا فالتكامل السياسى يشمل التكامل فى مجال المؤسسات والسياسات والأغتجاهات السياسية والشعور بالأمان السياسى .
أ – التكامل السياسى المؤسسى ، ويعنى وجود مؤسسات وتنظيمات سياسة فوق قومية وذات سلطة إلزامية ويمكن التعرف على قوة المؤسسات السياسية للعملية التكاملية من حجم الميزانية والأجهزة الإدارية للمؤسسات السياسية التكاملية كنسبة من ميزانية الأجهزة الإدارية للدول الداخلة فى عملية التكامل السياسى فكلما زادت ميزانية وموظفى تلك المؤسسات كان ذلك دليلاً على قوتها كذلك يمكن التعرف على حجم التكامل السياسى من معرفة إختصاصات تلك المؤسسات أى مدى تمتع المؤسسات التكاملية بالإستقلال عن الدول العضاء ومدى سلطتها فى إصدار قرارات ملزمة لتلك الدول .
   ب – التكامل فى مجال رسم السياسات ، ويقصد به القطاعات التى تتم التنسيق بشأنها ويمكن قياس ذلك بتحديد الأنشطة والقطاعات المتعلقة برسم السياسات الالتى يمكن أن تشملها العملية التكاملية كالعلاقات الخارجية والأمن العام وحقوق المليكة والحقوق المدنية والتعليم والصحة والمرافق العامة كالطاقة والمياه والموارد ( ........إلخ ) ثم تحدد الأنشطة والقطاعات التى تشملها العملية التكاملية بالفعل ثم تحدد نسبة تلك الأنشطة إلى الأنشطة المحتملة ويمكن أيضاً أن تتعرف عى التكامل فى مجال رسم السياسة بتحديد نسبة الوزرارات ذات العلاقة بالعملية التكاملية من العدد الكلى لوزرات الدول الداخلة فى التكامل .
جــ - التكامل فى الإتجاهات السياسية ، ويقصد به إلى حد تتوافق الإتجاهات والقيم السياسية للجماهير والنخب الحاكمة فى الدول المتجهه نحو التكامل فكلما توافقت تلك الإتجاهات كان ذلك ضماناً لثبات ونجاح التكامل الدولى ويمكن التعرف على هذا التكامل بالرجوع إلى غستطلاعات الراى العام على الحد التى ترغب الشعوب عنده فى نجاح التكامل .
   د – وجود مجتمع أمن Security Community  بمعنى غلى اى حد نجحت الدول المتجهه نحو التكامل فى خلق إتفاق عام حينما بينها على حل كل المشكلات التى تنشأ بينها بالطريق السلمى ، أ بدون اللوجؤ غلى العنف . مجتمع الأمن هو ذلك المجتمع الأمن الذى إتفق على اعضاؤه على ان التغيير السلمى هو الطريق الوحيد لإحداث أى تغيير سياسى .

0 Reviews:

Post a Comment