وإننطلاقاً من البعد المتعلق بتوزيع المقدرات يميز دارسو
العلاقات الدولية بين ثلاثة أشكال رئيسية من الأبنية الدولية .
1 – القطبية الأحادية Unipolarity
يتميز البنيان الأحادى القطبية بقدر كبير من تركز
الموارد فى دلوىة واحده أو مجموعه متجانسة من الدول تسود البنيان الدولى بأسره ومن
أمثلته هذا البنيان الوربى بين عامى 1872 – 1890 والذى سادته ألمانيا أو البنيان
الدولى بعد إنتهاء الحرب الباردة عام 1991 ويختلف مدى إستقرار هذا البنيان إعتماداً
على سلوك الدولة العظم ومدى تقبل الوحدات الأخرى لهذا السلوك فقد تميز البنيان
الأوربى بالإستقرار وإنخفاض حدة الصراعات الأوربية لأن ألمانيا لم تتبع سياسة توسعية
، ولكن البنيان الأحادى بعد سنة 1991 إتسم بعدم الإستقرار لأن الولايات المتحدة إتبعت
سياسة إستئصا لالخصوم المحتملين بشكل عسكرى .
2 – القطبية الثنائية Bipolarity
يتميز بنيان القطبية الثنائية بتركز النفذ الدولى فى قطبين
رئيسيين وذلك بسبب تركز توزيع المقدرات بين دولتين أو كتليتين رئيسيتين ويتميز هذا
البنيان بوجود صراع رئيسى يتمركز حول القطبين الدوليين وقد يكون البنيان الثنائى جامدا
ًTight Structure وينشأ هذا البنيان حينما تتركز
القدرات لدى القطبين الرئيسيين وتنضم كل الوحدات الدولية القائمة أو معظمها إلى اى
منها ومن ذلك البنيان الذى وجد فى هذه الفترة من سنة 1947 حتى سنة 1960حيث وجد
قطبان رئيسيان هما الكتلة الغربية والكتلة الشرقية ولم تكن فكرة الجياد أو عدم
الغنحياز لى من الكتلتين مقبولة فى هذا البنيان الدولى وفى هذه الفترة إنضمت معظم
دول العالم ما بين الكتلتين كما سيطرت الحرب الباردة على العلاقات الدولية أما
الشكل الأخر القطبية الثنائية فهو شكل القطبية الثنائية المرنة Loose
Bipolarity ويتميز هذا الشكل بتركز المقدرات بين القطبين بدأ
هذا البنيان يتبلور منذ سنة 1960 بخروج الصين من الكتلة الشيوعية وتمرد فرنس على
الحلف الأطلنطى وظل مسيطراً حتى نهاية القطبية الثنائية سنة 1991 كما أنه من
الناحية التاريخية كان قائماً خلال الفترة من عام 1891 حتى 1914 ، ومن عام 1933
حتى عام 1939 .
ترتبط القطبية الثنائية بالصراع والتوتر فكل قطب دولى يحاول دائماً أن يتغلب على القطب الوحيد الأخر
من خلال زيادة إمكانياته أن تدعيم نظام محالفاته أو ترغب الدول غير المنظمة
للإنضمام إلى قطبة ، وغالباً ما ينتهى هذا البنيان بالحروب العالمية كما حدث فى
حالة نشوب الحربين العالميتين فى القرن العشرين ، اللهم إلا أذا غمتلك القطبان
الأسلحة النووية وأدوات نقلها بشكل متكافىء .
3 – تعدد الأقطاب Multi-
Polarity
الخصسصة الأساسية تعدد القطاب هى وجود مجموعة من الدول
أو مجموعه من الأقطاب التى تمتلك مقدرات عسكرية وإقتصادية متكافءة تقريباً بحيث لا
ينفرد قطب أو قطبان بأجزاء ٍالأعظم من تلك المقدرات ومن أمثلة البنيان الدولى فى
الفترة ( 1648 – 1789 ) والبنيان الدولى فى الفترة ( 1815 – 1871 ) .
يختلف دارسوا
السياسة الدولية حول أثر الأبنية الدولية المختلفة على إستقرار النسق الدولى وباذات
على إحتمالات الحرب والسلام الدوليين وفى هذا الصدد تبلورت ثلاث وجهات نظر مختلفة ترى
وجهة النظر الأولى التى يقدمها مايكل هاس ، أن بنيان القطبية الواحدية أكثر ميلاً
إلى تحقيق الإستقرار الدولى . فوجود قطب واحد فى البنيان يضمن إستقرار البنيان
بحكم القوة المهبيمنه لهذا القطب وقد وجد هاس من تحليله الواحد وعشرين بنياناً
دولياً فرعياً منذ عام 1649 أن بنيان القطبية الواحدية هو أكثر أشكال الأندية الدولية
إستقراراً ولكن خبرة البنيان الدولى الحادى إعتباراً من سنة 1991 تدحض تلك النتيجة
وتدافع وجهة النظر الثنائية بإعتبارة مصدراً للإستقرار الدولى ويقدم والتر عدة حجج
لتعديم وجهة نظره أهمها أن بنيان القطبية يتسم بهيمنة القوتين العظميتين ومن ثم
فإن أى تغيير محدود فى توازن القوى أن يؤثر بشكل حاسم فى إستقرار البنيان كما أن
القوتين العظميتتين عادة ما تطورت أليات للتعامل مع الزمات أما وجهه النظلر
الثالثة ويقدمعا روز كريزر – ودويتش
وسينجر – فإنها تؤكد ان البنيان للقطبية المتعددة يتسم بدرجة من المرونه تتيح درجة
اكبر من التفاعل بين الدلو مما يوفر لتلك الدول فرصاً أكبر لتحقيق أهدافها دون اللوجؤ غلى الحرب كما أنها تقلل من درجة
ال‘نتباه التى يوجهها قطب معين . إل قطب أخر مما يقلل الغهتمام بصراع معين إضافة
غلى غلى أن بنيان القطبيو المتعددة الجنسية يتسم يعدد عدة سباقات التسلح لأن أى
زيادة فى الإنفاق العسكرى لقطب واحد ان ينظر إليها الأقطاب الأخرى على أنها موجهه لواحد
منهم بعينه كما أن هذا البنيان يتسم بوجود قوى وسيطه ومحايدة قد تلعب دوراً فى
التوسط فى المنازعات الدولية ويبدو أن تلك الرؤية هى الأقرب إلى الصحة إذا أخذنا فى
الإعتبار خبرة السياسة الدولية .
كذلك يشكل البنيان الدولى أحد المؤثرات الضاغطة على
السياسات الخارجية لوحدات الدولية الكائنه فيه فالبنيان الدولى قد يدفع بعض الوحدات الدولية إلى
تبنى نمط معين من السياسات الخارجية فإتجاه اوربا نحو الوحده بعد الحرب العالمية الثانية
كان فى أحد جوانبة إنعكاساً لطبيعة البنيان الدولى القائم على الإستقطاب الثنائى
الجامد وما صاحب ذلك من خروج أوربا من دائرة القوة الدولية كذلك فإن تحول بعض دول
العالم الثالث نحو تبنى فكرة عدم الإنحياز ف منتصف الخمسينيات كان متأثراً بحالة
التوتر الدولى الشديد التى خلقها الغستقطاب الثنائى الجامد كما أن تحول البنيان
الدولى نحو الأحادية إعتباراً من سنة 1991
دفع كثيراً من الدول إلى إقامة سياستها الخارجية لكى تتوافق مع سياسة القطب الأوحد
.
بصفة عامة فإن
السياسة الخارجية للوحدات الصغيرة والمتوسطة أكثر قابلية للتأثر بالبنيان الدولى من
السياسات الخارجية للوحدات الكبرى أو العظمى ذلك ان نقص او محدودية الموارد
بالنسبة للوحدات الصغيرة والمتوسطة يحد من قدرتها على مقاومة الضغوط الأتيه إليها
من الوحدات الكبرى والعظمى ، بينما تمتلك تلك الأخيره من الموارد ما يمكنها من
التأثر الإيجابى فى النسق الدولى ككل .
بيد أن
قابلية الوحدات الدولية للتأثر بالبنيان الدولى تتفاوت بتفاوت طبيعة هذا البنيان وفى هذا الصدد يكاد يتفق دارسوا السياسة الدولية
على أن قدرة الوحدات الصغيرة والمتوسطة على
التحرك السياسى المستقل فى النسق الدولى كلما إزداد الطابع التعددى للبنيان
الدولى وكلما إزدادت درجة الصراع بين الوحدات الكبرى المكونه لهذا البنيان فبنيان
تعدد الأقطاب وبنيان القطبية الثنائية المرنة يؤديان إلى زيادة قدرة الوحدات
الصغيره أو المتوسطة كما يزيد من مساحة منظقة المناورة التى تستطيع أن تتحرك فبها
تلك الأخيره . ومن أهم الأمثلة على ذلك أن مملكة بيد مونث إستطاعت أن تستفيد من التناقضات بين الدول الأوربية وسعى كل منهما
إلى منع الخرى من توسيع نطاق نفوذها فى إطار بنيان تعدد الأقطاب فى الفترة من سنة 1860
حتى سنة 1870 حيث غنتهزت هذه المملكة الفرصة وقامت بنحقيق الوحدة الإيطالية فقد
إستفادت من التناقض بين بريطانيا وفرنسا عام 1860 ومن التناقض بين النمسا وروسيا وفرنسا
عام 1870 لكى تحقق خطوات متتالية نحو هدفها النهائى كذلك ، فقد إستفادت الدولة
العثمانية من الصراع بين الدول الأوربية الكبرى من عام 1774 حتى عام 1914 لكى
تحتفظ بإستقلالها بالإضافة إلى ذلك ، فإن تنافس القوى الكبرى فى الحصول على تأييد
الوحدات القل قوة يزيد من القدرة التساومية تلك الأخيره ، ويوسع من هامش الحركة لديها
بيد أن ذلك لا يعنى ان الوحدات الصغرى والمتوسطة تعيش بأمان فى ظل بنيان تعدد
الأقطاب ليس دائماً صمام امن لحماية الدول الصغرى والمتوسطة إذ انه حينما تتفق مصالح
الدول الكبرى فغن تلك المصالح تكون لها الأولوية على مصالح الدول الصغرى والمتوسطة
. ومن ثم فإن بنيان تعدد الأقطاب وبنيان القطبية الثنائية المرنه لا يزيدان من
حرية الحركة للقوى الصغرى والمتوسطة إلا إذا إتسم البنيان بدرجة كبيرة من التنافس
بين القوى الكبرى المسيطره .
أما البعد
الثانى للبنيان الدولى فهو الترابط بين أجزائه بقصد الترابط إلى أى حد تتاثر
سلوكيات الوحدات الدولية ببعضها البعض فكلما انتج سلوك بعض الوحدات أثاراً معيناً
على سلوك الوحدات الأخرى كان البنيان الدولى مترابطاً وكلما إرتبط مصير ورفاهة
الوحدات الدولية بسلوكياتها إزاء بعضها البعض كان البنيان الدولى أكثر ميلاً
للترابط .
ويمكن التعرف على درجة الترابط بين الوحدات الدولية من
خلال المؤشرات التالية :
1 – حجم المعاملات الإقتصادية والإتصالية بين الوحدات
الدولية كالتجارة الدولية والإستثمارات الأجنبية وإنتقالات الأفراد عبر الحدود الدوليه
فكلما زادت تلك المعاملات زادت درجة الترابط
بين وحدات البنيان الدولى .
2 – درجة حساسية sensitivity الوحدات
الدولية لإحتمالات توقف عملية الترابط ويقصد بذلك قدرة الوحدات على الإستغناء عن
تلك المعاملات بالتحول إلى شركة اخرى دون أن تتأثر بشكل جوهرى بهذا التحول فإذا
ادى توقف التبادل التجارى بين دولتين إلى اثار سلبية عليهما قلنا أن هناك ترابط
بينهما .
3 – درجة حساسية الوحدات الدولية للتغييرات الداخلية فى
كل منها لإغذا كانت المعاملات بين الوحدات عرضه للتأثر بالتغييرات الإقتصادية التى
تحدث داخ كل منهم قلنا ان تلك الوحدات حالة ترابط ومن ذلك أن تتأثر التجارة الخارجية
لدولة معينه بتغيير الأسعار فى دولة اخرى .
4 – مدى إنكشاف
الوحدات الودلية أمام العوامل الخارجية
بشكل متماثل بإرتفاع أسعار سلعة دولية معينه قلنا أن تلك الدول فى حالة ترابط إما
إذا إستفادت مجموعه من الدول من هذا الإرتفاع بينما اصدرت مجموعة اخرى فغن تلك
الدول لا تكون فى هذه الحالة فى حالة ترابط .
5 – مدى توافر أطر مؤسسية للتفاعل بين الوحدات الدولية وإتخاذ
القرارات فيما يتعلق بالقضايا المشتركة فالأطر المؤسسية تحدد قواعد التعامل بين
الوحدات وتنظيمه ومن ثم فهى تعتبر مؤشر جيد للترابط بين الدول .
ويتميز كل
بنيان دولى بوجود درجة من الترابط بين وحداته وإلا فإنه لا يعد بنياناً من الأصل بيد أن
الأبنية الدولية تختلف فى درجة الترابط ويمكن حصر جانبيين لإختلاف درجات الترابط
فى البنيان الدولى .
ا – التطور الزمنى فى درجة الترابط فى البنيان الدولى
فالملاحظ أن درجة الترابط فى البنيان الدولى تتزايد
بإستمرار ولتأمل تتطور حجم التجارة الدولية والإستثمارات الأجنبية خلال القرن
الأخير كذلك فقد زادت الإتصالات الدولية
على مختلف مستوياتها خبرة أصبح العالم المعاصر يعرف بنه قرية عالمية فكما أن هناك
ترابطاً وثيقاً بين أبناء القرية الواحدة فإن هناك ترابطاً مماثلاً ت النظام
العالمى فقد تزايدت درجات الترابط فى السياسة الدولية بشكل قوى مع تطور تكنولوجيا الإتصال
العالمى وأطلق الدارسون على هذا الترابط مسمى الإعتماد المتبادل فى النصف الثانى من القرن العشرين وبعد أن إرتقى
هذا الترابط إلى مستويات أعلى ذات طابع كيفى مختلف أطلق عليه مسمى العولمة " globalization
" وهى فى جوهرها تنصرف إلى بلورة هويات وأنماط
تفاعل " عالمية جديدة " .
ب – إختلاف درجات الترابط فى الأبنية الدولية الفرعية
كما أن
البنيان الدولى يتسم بدرجة من الترابط على المستوى العالمى وهو ما يطلق عليه
البنيان الدولى العالمى فإن هناك درجات مختلفة من الترابط بين مجموعات من الوحدات
الدولية كان هناك يكون درجة أكبر من الترابط بين دول الإتحاد الأوربى أو دول جنوب
شرقى أسيا ويؤدى ذلك غلى نشوء ابنية الدولية الإقليمية ومن ثم نتحدث عن البنيان
الدولى الوربى أو الجنوب شرق أسيوى ويعنى ذلك ان هناك بنياناً دولياً عالمياً وتقع
فى داخله مجموعه من الأبنية الإقليمية الفرعية والتى يطلق عليها احياناً الأنطمة
الإقليمية .
وقد أدى تزايد
الترابط فى البنيان الدولى الى عدة نتائج اهمها خلق مناخ للتعاون الدولى فقد ادى
تقدم وسائل الإتصال إلى تحسن معرفة الشعوب ببعضها وإلى سهولة الإتصال بين رؤساء
الدول والحكومات وقد أدى ذلك بدورة إلى تعاظم إمكانية تفادى الصراعات الدولية
الناشئه عن سوء الفهم ونقص المعلومات وكذلك فقد أدى إزدياد التعامل الإقتصادى
الدولى إل خلق ضوابط على إحتمالات تصعيد الصراع السياسى بين الدول ةتكثيف التعاون
السياسى بينهما كما أدى الترابط الدولى إلى تعقيد السياسة الدولية لأنه أدى إلى
ظهور قضايا جديده فى ميدان السياسة الدولية كقضايا الطاقة والبيئه وإستعمال الفضاء
الخارجى والسكان ، بحيث لم تعد أجندة السياسة الدولية مقصوره على قضايا الأمن
العسكرى والصراع الإقليمى مما خلق اعباء جديدة على الوحدات الدولية وقد زاد تقدم
تكنولجيا الإتصال الدولى من هذا التعقيد فنتيجة لهذا التقدم أصبح من الميسور على
الراى العام أن يتعرف على الأحداث الدولية وأصبح من الممكن تكوين رأى عام دولى حول
القضايا الرئيسية وقد أدى ذلك إلى زيادة تأثير القوى الداخلية بصفة عامة على
السياسة الدولية .
0 Reviews:
Post a Comment