Contact us

منهج النسق الدولى لدراسة تطور السياسة الدولية

منهج النسق الدولى لدراسة تطور السياسة الدولية

يتضح من إستعراض مناهج تطور السياسة الدولية انها قد تفاوتت فى الإقتراب من ظاهرة السياسة الدولية ، إستناداً إلى الخلفبة الفكرية لمن صاغوا تلك المناهج ، أو الهدف المراد تحقيقه من دراسة تطور السياسة الدولية ، وتعميق فهمها حتى أصبح من الممكن فهم الظاهرة السياسية الدولية من مداخل مختلفة .

بيد أن تلك المناهج تشوبها بعض المثالب التى ربما تجعلها غير صالحة لدراسة تطور السياسة الدولية من زاوية نظرية العلاقات الدولية . فنحن فى حاجة إلى منهج غير أيدلوجى يمكننا من تبويب وتنظيم أحداث السياسة الدولية عبر حوالى قرنين فى غطار منهجى يمكن من خلاله أيضاً " تفسير " تلك الأحداث فى ضوء تلك النظريات الدولية من ناحية ، وإستخلاص دلالاتها بالنسبة لتلك النظريات .
ولهذا فإننا سنتبع ف هذا الكتاب منهجاً نسقياً أساسه ٍأن السياسة الدولية تنشأ وتتطور فى إطار نسق دولى معين International System  كما انها تنطلق من عناصره الرئيسية . ومن ثم فإن فهم السياسة الدوليه فى مرحلة تاريخية معينه يتطلب التعرف على ماهية تلك العناصر وكيفية تفاعلها .
ويمكن القول بأن النسق الدولى ينطوى على أربعة عناصر رئيسية يكمن فى رصدها تبويب وفهم واقع السياسة الدولية فى مرحلة معينه وتفسبره . وهذه العناصر هى .
1 – الوحدات : ويقصد بها القوى الفاعلة التى تقوم بأدوار معينه داخل النسق فيحكم التعريف وينطوى النسق على فاعلين أو أكثر فى حالة من التفاعل كما أنه عادة ما ينطوى على أنساق فرعية متفاعله مع بعضها البعض ومع النسق الكلى .
2 – البنيان : ويقصد به كيفية توزيع المقدرات ، وبالتالى ترتيب الوحدات المكونه للنسق بالنسبة لبعضها البعض أى أنه يتصرف إلى مبدأ الترتيب فى النسق والواقع أن البنيان هو الذى يجعل من الممكن النظر غلى النسق بإعتباره وحدة مترابطة إذ أنه يحدد طبيعة العلاقات التفاعلية النمطية بين وحدات النسق ومن المهم أن نلاحظ أن البنيان والوحدات فى حالة من التفاعل الدائم ، بما يسمح لنا بدراسة ثر البنيان على سلوك الوحدات .
3 – المؤسسات : ويقصد بها مجموعة القواعد والإجراءات الرسمية والعرفية التى تنظم سلوك الفاعليين الدوليين . ويشمل ذلك التنظيمات الدولية ، والقواعد القانونية المستقرة فى النسق الدولى  .
4 – العمليات : وتنصرف إلى الأنشطة السياسية المستمره التى تتم فى النسق الدولى فى إطار الهيكل والمؤسسات ، كعمليات الحرب الباردة والإنفراج الدولى ، وتوازن القوى وغيرها .
وتنشأ تلك البعاد من إطار أنماط معينه للإنتاج ومستوى معين من التطور التكتولوجى ، وفى إطار حضارى وثقافى معين فإمتلاك بعض الدول النامية للتطور التكنولوجى ، فى حقبه معينه يعطيها ميزه نسبية على القوى الأخرى كما حدذ بالنسبة لبريطانيا فى عصر الثورة الصناعية كذلك ، فإن التفاعل الدولى يتأثر بأنماط العلاقات الحضارية  والثقافية فالعداء الروسى التقليدى للدولة العثمانية ، كان نابعاً من الصراع الدينى الثقافى بين الدولتين والصراع بين الدولتين العثمانية والصفوية كان متأثراً إلى حد بعيد الخلاف المذهبى السنى – الشيعى . لهذا فإننا عند تناولنا لتطور السياسة الدولية فى حقبة معينه سنحاول أن نبين مدى تأثر هذا التطور بمستوى التطور التكنولوجى والخصائص الحضارية والثقافية للشعوب .
ويقودنا ذلك غلى التعرف على العناصر الرئيسية للنسق الدولى وعلاقاتها بالسياسة الدولية .
أولاً : الوحدات الدولية :
أن نقطة البدء فى فهم السياسة الدولية هى معرفة الوحدات السياسية الفاعلة فى النسق الدولى فى المرحلة التاريخية . ماهى القوى الجديدة التى ظهرت على المسرح الدولى ؟ وما هى القوى التى إختفت من هذا المسرح ؟ فالملاحظ أن كل مرحلة تاريخية معينه تشهد ظهور وإختفاء مجموعات معينه من الوحدات السياسية بل وظهور أنماط جديده من تلك الوحدات فقد إتسمت السياسة الدولية فى القرن التاسع عشر بظاهرتين رئيسيتين ، الأولى هى أن الدولة كانت هى الفاعل الوحيد فى النسق الدولى ، والثانية هى سيطرة عدد محدود من الدول الأوربية الكبرى على النسق الدولى ( بريطانيا وفرنسا وروسيا وألمانيا والنمسا ) مما أعطى للسياسة الدولية طابعاً اوربياً وهكذا برج التحليل التقليدى للسياسة الدولية ( والذى يسمى احياناً منظور الدولة ) على إعتبار أن الدولة هى الفاعل الرئيسى إن لم يكن الوحيد فالدوله بحكم إحتكارها وسيطرتها على مصادر القوة هى الوحدة الرئيسية القادرة علة العمل الخارجى المؤثر ، ومن ثم إنتهى التحليل التقليدى إلى أن دراسة السياسة الخارجية تقتصر على الدول أى على دراسة السياسة الخارجية للدول بحكم أن الدولة هى الكيان الوحيد الذى يمتلك المقدرات الإقتصادية والعسكرية وبالتالى قادر على صياغة وتنفيذ السياسة الخارجية كما أن الكيانات الأخرى ، كمالمنظمات الدولية الحكومية ليست إلا أدوات فى يد الدول بالإضافى إلى ذلك فإن التحليل التقليدى إنطلق من مفهوم السيادة ، فإشترطت فى وحدات الدولية إمتلاك السيادة ولما كانت الدولة وحدها هى التى تمتلك هذه الصفة القانونية فقط قصر وحدات السياسة الدولية عليها .
كان التحليل التقليدى يعبر عن طبيعة السيادة الدولية حتى النصف الثانى من القرن العشرين تقريباً ولكن إبتداء من النصف الثانى للقرن العشرين إزداد عدد الدول الكائنه فى النسق الدولى حتى وصل إلى حوالى سنة 2007 إلى 192 دولة كما بدأت تظهر كيانات جديده فى النسق الدولى فحسب إحصاءات سنة 1994 فإن حجم اصول اكبر خمسمائة شركة متعددة الجنسية فى العالم بلغ32,2  تريليون دولار ، وتحقق تلك الشركات إيرادات تصل إلى 11,4   تريليون دولار وتمثل هذه الإيرادات 45% من الناتج القومى الإجمالى لجميع الدول ( 25,3  تريليون ) كما أنها تفوق الناتج القومى الإجمالى لكل الدول المصنفه على أنها ذات دخل منخفض ومتوسط وهناك أيضاً حوالى 250 منظمه دولية حكومية وحوالى 12000 منظمة دولية غير حكومية زياد على ذلك ، فإن عدد مهماً من تلك الدول لا يمملك المقومات الحقيقية لدولة ، ويفتقر إلى القدرة على صياغة وتنفيذ سياسة خارجية مؤثرة فى النسق الدولى إزاء هذين التطورين فقد منظور الدولة مصداقيته الى حد كبير خاصة  بعد أن تبين أنه قد يقود دراسى السياسة الدولية إلى نتائج مضلله فنموذج الدولة يقودنا إلى دراسة دور بعض الدول التى قد لا يكون لها وزن حقيقى فى سير التفاعلات الدولية لمجرد انها تتمتع بالسيادة القانونية ومن ناحية أخرى فإن منظور الدولة يقودنا إلى إهمال كيانات أخرى كشركة جنرال موتورز والكنيسة الرومانية الكاثوليكية ومنظمة التحرير الفلسطينية ( أو ما يعبر عنه بالدول    action  Non – state A ) لمجرد انها لا تتمتع بسيادة أو صفة الدولة رغم انها وحدات ذات تأثير فعال فى مجريات التفاعل العلمى كما أنها تمتلك برامج متكامله للسلوك فى المجال العالمى فمنظمة التحرير الفلسطينية مثلاً لها برامج متكاملة للسلوك فى المجال العالمى . فمنظمة التحرير الفلسطينية مثلاً لها برامج للعمل السياسى فى الشرق الوسط والشركات متعددة الجنسية – كشركة جنرال موتورز وشركة وستنجهاوس – لها برامج سياسية للعمل فى مختلف جميع أنحاء العالم لحماية وتعظيم لحماية وتعظيم إستثماراتها ومن الثابت ان هذه الوحدات قادرة على التعامل فى محيط العلاقات الدولية وصياغة سياسات خارجية مؤثره .

0 Reviews:

Post a Comment