المجتمع المدني:
مفهوم المجتمع المدني .. نشأة
وتطور المجتمع المدني: مكوناته وإطاره التنظيمي مع انهيار نظم الحكم الشمولية في
أواخر الثمانينات في شرق أوروبا وبعض دول العالم الثالث وتزايد الاتجاه نحو
الديمقراطية برزت الدعوة إلى المجتمع المدني كمصطلح جديد علينا في الوطن العربي لم
يكن متداولا من قبل في خطابنا العام أو يخطى باهتمام الباحثين. وكعادة المثقفين
العرب فقد تلفقوا المصطلح الوافد بالدراسة والتحليل وصدرت العديد من الدراسات حوله
كما عقدت ندوات علمية وخصصت بعض الدوريات إعدادا كاملا لتناوله من مختلف جوانبه.
واختلف الموقف من المجتمع المدني فهناك من يتحمس له ويرى فيه الحل لكثير من
مشاكلنا، وهناك من يتحفظ عليه بل ويناصبه العداء خاصة وأن الدعوة للمجتمع المدني
جاءت أساسا من هيئات أجنبية قدمت مساعدات مالية لبعض مراكز البحث لدعم الفكرة
ونشرها على نطاق واسع. كما يأتي التحفظ من بعض الباحثين الذين يرون أنه لا يمكن
استعارة هذا النموذج الذي تبلور ونضج في أوروبا في سياق مختلف تماما وزرعه في
الوطن العربي الذي له تاريخه الخاص وتراثه المختلف.
إلا أن المؤيدين لفكرة المجتمع
المدني ينطلقون من أن التطور الديمقراطي للمجتمعات العربية وتحديثها يتطلب قيام
تنظيمات غير حكومية تمارس نشاطا يكمل دور الدولة ويساعد على إشاعة قيم المبادرة
والجماعية والاعتماد على النفس مما يهيئ فرصا أفضل لتجاوز هذه المجتمعات مرحلة
الاعتماد على الدولة في كل شيء، وكذلك تصفية أوضاع اجتماعية بالية موروثة من
العصور الوسطى. ولأن العديد من المجتمعات العربية تشهد بالفعل جهودا حثيثة للتوسع
في تكوين هذه التنظيمات والمؤسسات وسيكون لها آثارها القريبة والبعيدة فإنه من
الخطأ أن نتجاهل هذه الظاهرة أو أن ننعزل عنها بل يتعين علينا أن نبحث عن الموقف
السليم الذي نتخذه منها مما يتطلب أن نتابع أولا نشأة المجتمع المدني تاريخيا وكيف
تبلور وأهم الوظائف التي يقوم بها حتى نكون قادرين على حسم موقفنا منه والتعرف على
مدى الحاجة إليه في الوطن العربي والدور الذي يمكن أن ينهض به في المرحلة الحالية
من تطور المجتمعات العربية.
0 Reviews:
Post a Comment