Contact us

القوى المؤثرة على تطور السياسة الدولية

القوى المؤثرة على تطور السياسة الدولية

   إتسمت السياسة الدولية منذ منتصف القرن السابع عشر بتبلور مجموعة من القوى الرئيسية التى أثرت على تطور السياسة الدولية ويمكن إجال تلك القوى فيما يلى :
1 – الثورة العلمية :
    إبتداء من القرن السابع عشر  شهدت أوربا تطوراً جذرياً فى طريق البحث بحيث أصبحت تلك الطرق تعتمد على الإسلوب العلمى القائم على الملاحظة والتفسير والتنبأ فقد ظهرت مجموعه من النظريات العلمية حول تفسير الظواهر الكونية كنظريات جاليليو ويوبل ومن ثم أصبح من مقدور البشر ان يفهموا الطبيعه . كذلك ظهر العديد من الإختراعات . فتم إختراع الألة البخارية والكعرباء وأساليب التصنيع مما أدى إلى تزايد القوة الأوربية وتمكنيها من توسيع دائرة نفوذها فى العالم فى الوقت ذاته نلاحظ أن الدول غير الأوربية التى كانت قائمة فى ذلك الوقت وبالذات الدولة العثمانية وفارس وأقاليم أسيا وأفريقيا لم تلحق بها التطور العلمى مما مكن الدول الأوربية من تحقيق توسعات إستعمارية هائلة .
2 – الثورات الفكرية
إتسمت الحياة الفكرية منذ القرن الثامن عشر بعدة تغييرات فكرية جذرية أهمها :
( 1 ) رسوخ فكرة التقدم كأساس للحياة البشرية : تأكدت فكرة التجديد الدائم والإختراع كأساس للحياة البشرية . وبقصد بذلك أن على الإنسان أن يبتكر أسايب جديدة للتعامل مع الطبيعة والمجتمع فليست هناك أساليب ثابتة صالحة ومن هنا جائت أفكار التجديد المستمر والإعتقاد أنه من الضرورى أن يكون الغد افضل من اليوم .
( ب ) رسوخ مفهوم الفصل بين الكنيسة والدولة وتأكيد كيان الدولة القومية : فلم تعد الأمور السياسية والإقتصادية مرتبطة بتعاليم الكنيسة أهدافها كما كان الحال علية فى العصور الوسطى وأصبحت الكنيسة مجرد مؤسسة من مؤسسات المجتمع ليس لها سلطة فرد اراء معينة على الحكام المدنيين كما تاكدت ظاهرة الدولة القومية التى لها حدود معينة وسيادة على أراضيها وحكام مدنيين يمارسون تلك السيادة .
( جـ ) ظهور مفهوم الحرية الإقتصادية والسياسية : يقصد بالحرية الإقتصادية أن النشاط الفردى هو محور الحياة الأقتصادية ولا يتعدى الدور الإقتصادى للدولة دور الحارس الذى يقتصر عمله على الأمن والدفاع وقد كرس ذلك العديد من المفكرين من أمثال أدم سميث وريكاردو . كذلك فإنه نتيجة لظهور كتابات للمفكريين التحررين من أمثال مونتسكيو وفولتير وروسو وجون لوك وظهرت أفكار الحرية السياسية والحقوق الأساسية للمواطن وقد تأكدت تلك الأفكار فى غعلان إستقلال الولايات المتحدة سنة 1776 وفى إعلان حقوق الإنسان والمواطن فى فرنسا عام 1789 . إلا أنه من الملاحظ انه بينما إستقرت فكرة الحرية السياسية لم تتأكد إلا منذ منتصف القرن التاسع عشر فقد لقيت مفاهيم الحرية السياسية نكسة شديدة بعد هزيمة نابليون وفى أعقاب إنعقاد مؤتمر فيينا سنة 1815 ذلك ان هذا المؤتمر كرس العودة إلى الأوضاع القديمة فى أوربا وبالذات العودة إلى الحكم المطلق مما ادى الى العديد من الإنتفاضات فى مختلف دول أوربا القارية إحتجاجاً على تلك الأوضاع .
3 – الثورة الصناعية :
    تعتبر الثورة الصناعية هى العامل الرئيسى الذى أثر على السياسة الدولية فى القرن التاسع عشر ويمكن تعريف الثورة الصناعية بأنها تغير أساسى فى طريق الإنتاج تضمن إختراع الالات الميكانيكية وإستخدامها فى الزراعة والصناعة ونمو الطاقة المحركة وإزدياد إنتاج الفحم والحديد والصلب والتحول نحو الإنتاج الكبير فى المصانع وذلك بدلاً من الإنتاج المنزلى الصغير . وقد أخذت الثورة الصناعية دفعتها الرئيسية بإدخال الألة البخارية سنة 1776 ثم الألة الكهربائية سنة 1831 ومن هاتين الألتين إنبثق نظام المصنع الكبير .
  وقد بدأت الثورة الصناعية منذ أوائل القرن الثامن عشر وتمت بشكل واضح فى منتصف القرن وقد نشات تلك الثورة فى بريطانيا نتيجة لعدة عوامل أهمها توافر الثروة منذ القرن السادس عشر وذلك بفضل مستعمراتها الشاسعة وبسبب التطورات السياسية فى بريطانيا التى دفعت ال{ستقراطية الإنجليزية إلى إستثمار أموالها فى الصناعة وطوال الفترة من سنة 1770 حتى سنة 1830 كانت بريطانيا تحتكر التطور الصناعى فى العالم ولكن بعد عودة السلام إلى اوربا فى اعقاب مؤتمر فيينا إنتشرت تلك الثورة فى باقى دول أوربا . ذلك أن تزايد الأنتاج الإنجليزى دفع بريطانيا إلى البحث عن أسواق فى أوربا وإلى تصدير راس المال الفائض إليها . وهكذا إنتشرت الثورة الصناعية فى فرنسا وبلجيكا وأمانيا ثم فى باقى دول أوربا فى مرحلة لاحقة كما ساعد راس المال الإنجليزى منذ عام 1830 على إنتشار الثورة الصناعية فى الولايات المتحدة .
   يمكن القول أن الثورة الصناعية كانت المحور الرئيسى الذى دارت حوله الأحداث الدولية فى القرن التاسع عشر . فقد كانت المحرك الرئيسى للنظام الرأسمالى الصناعى وللمد الإستعمارى ولتغيير ميزان القوى الدولى وأحد عوامل ظهور التيارات الإشتراكية .
أ – الثورة الصناعية والنظام الرأسمالى
   أدت الثورة الصناعية إلى غحداث تحولت جذرية فى النظام الرأسمالى فى أوربا والذى كان قد بدأ فى النمو منذ القرن السادس عشر فقبل الثورة الصناعية كانت الراسمالية الأوربية ، رأسمالية تجارية تدور حول التعامل التجارى والدولى ويدرها النبلاء وأبناء الطبقة المتوسطة أما بعد الثورة الصناعية فقد تحولت الرأسمالية التجارية إلى رأسمالية صناعية بمعنى أنها أصبحت تقوم على تحويل المواد الخام غلى مواد مصنعه فى مصانع كبيرة وبذلك ادت الثورة الصناعية إلى إنشاء المصانع الكبيرة  التى يمتلكها أصحاب رؤوس الأموال ويوظفون فيها أعداد ضخمه من العمال وبمرور الزمن وإتساع نظام المصانع وتعقده أخذ دور الرأسمالية الفردية فى التضاؤل وإزداد دور الشركات الكبرى مما أدى إنقطاع العلاقة المباشرة بين الرأسمالى والمنظم وتحولت الرأسمالية فى مرحلة لاحقة إلى كونها رأسمالية مالية أى تقوم على تصدير رؤوس الأموال .
ب – الثورة الصناعية وظاهرة الإستعمار
  ادى تضخم الإنتاج الصناعى فى بريطانيا وباقى دول أوربا التى إمتدت إليها الثورة الصناعية إلى التوسع الخارجى بحثاً عن أسواق جديدة لتصريف فائض الإنتاج وبحثاً عن المواد الأولية اللزمة للصناعة وعن مجالات أوسع لإستثمار قائض رأس المال ومن الثابت أن الثورة الصناعية كانت هى المحرك الرئيسى للتوسع الإستعمارى فى القرن التاسع عشر وقد أكد ذلك هوبسون فى كتابه بعنوان الإستعمار الصادر عام 1902 ولينين فى كتابة الإستعمار أعلى مراحل الرأسمالية الصادر سنة 1917 وقد أدى ذلك إلى تغير طبيعة الظاهرة الإستعمارية من كونها ظاهرة تجارية تقةم على أساس إستجلاب المعادن النفيسة والرقيق والتوابل ومقصورة على المناطق الساحلية فى افريقيا وأسيا إلى ان أصبحت ظاهرة صناعية تقوم على تصدير السلع المصنعة إلى الميتعمرات وإستيراد المواد الخام مها فى شكل تبادل غير متكافىء كما إمتد الإستعمار إلى داخل القارات .
جـ - الثورة الصناعية وميزان القوى العالمى
ظهرت الثورة الصناعية فى بريطانيا وإكتملت بها بين عامى 1776 ، 1830 ولحقتها فرنسا وبلجيكا وألمانيا ثم باقى دول أوربا بين عامى 1830 ، 1860 ثم اليابان والولايات المتحدة الأمريكية ونتيجة لريادتها عصر الثورة الصناعية فقد أصبحت بريطانبا اقوى دولة فى العالم وسبقت دول أورب فى التوسع الإستعمارى بحكم غختلال توازن القوى العالمى لصالحها بيد ان إمتداد لثورة الصناعية إلى باقى دو ل أوربا والولايات المتحدة ثم غلى اليابان أدى إلى تغيير ميزان القوى العالمى فى غير صالح بريطانيا ومزاحمة باقى الدول لبريطانيا فى الميدان الإستعمارى كما أدى غذدهار الثورة الصناعية فى تلك الدول إلى إغلاق أسواقها امام المنتجات البريطانية مما أدى إلى بريطانيا إلى تكثيف سياساتها الإستعمارية فى أفريقيا وأسيا والأهم من ذلك ان ظهور الثورة الصناعية فى اوربا وإقتصارها على تلك القارة لفترة من الزمن جعل السياسة الدولية طوال القرن التاسع عشر تقريباً بمثابة سياسة أوربية وإختل التوازن العالمى ضد الدول غير الأوربية مثل الدول العثمانية وفارس لأنها لم تلحق بركب تلك الثورة وأصبحت بالتالى هدفاًَ للتوسع الإستعمارى كذلك فإن إمتداد الثورة الصناعية إلى دول غير أوربية أدى إلى إكتساب السياسة الدولية بالتدريج طابعاً عالمياً .
د – الثورة الصناعية ونشأة التيارات الإشتراكية
  فى مراحلها الأولى أدت الثورة الصناعية إلى إلحاق أضرار بالغة باالعمال فقد شهدت بدايات الثورة الصناعية تكديس العمال فى مصانع ضيقة تحت أسوأ الظروف المعيشية حيث يعملون ساعات طويلة بأدنى ٍالأجور وتشغيل الأطفال والنساء وتحت أسوأ الظروف وتمثل تلك الظاهرة الجذر التاريخى لنشؤ التيارات الإحتجاجية التى إنعكست فى شكل نشأة المذاهب الإشتراكية والتيارات السياسية التى تجسد تلك المذاهب ومن ذلك أفكار روبرت أوين فى إنجلترا وسان سيمون فى فرنسا والأفكار الماركسية .
4- الثورة الفرنسية :
   تعتبر الثورة الفرنسية هى الجذر التاريخى الثانى الذى أثر فى تطور السياسة الدولية فى القرن التاسع عشر فقد ادت تلك الثورة إلى تأكيد مفاهيم الحرية السياسية كما أدت غلى إئتلاف دول أوربا لوقف السياسة التوسعية الفرنسية بزعامة نابليون بونابرت فى أوربا ومقاومة الأفكار التى جائت بها الثورة الفرنسية والتى مثلت تهديداً لنظر الحكم الأوربية فى ذلك الوقت وإنتهى الأمر بهزيمة نابليون والعودة إلى نظام الحكم القديم فى فرنسا ودار الصراع فى أوربا منذ مؤتمر فيينا بين الأفكار والتيارات التى مثلتها الثورة الفرنسية ونظم الحكم التقليدية التى كانت تعمل فى إبقاء الوضع كما كان عليه .

0 Reviews:

Post a Comment