Contact us

البناء الاجتماعي للمجتمع المدني

البناء الاجتماعي:
البناء الاجتماعي هو إطار المجتمع كعلاقة منظمة بين الوحدات الاجتماعية المختلفة (التجمعات القائمة على القرابة، والجنس والسن، والمصلحة المشتركة، والمكان والمنزلة) أو كنموذج مقام تبعًا لهذه العلاقة. وتعد دراسة البناء الاجتماعي جديدة نوعًا ما على الأثنولوجيا والأنثروبولوجيا الاجتماعية. ويمكن القول إنها بدأت براد كليف يراون الذي نمى هذا المفهوم ليقابل بينه وبين مفهوم الكائن العضوي في العلوم البيولوجية. وقد حاول البنائيون فيهما بعد – وخاصة ليفي شتراوستفسير البناء الاجتماعي على أساس رياضي.
طرق تناول مفهوم البناء الاجتماعي:
·        الطريقة البديهية حيث يكون لكلمة بناء في بعض الأحيان معناها البديهي، عندما نتحدث مثلاً عن بناء زورق.
·   الطريقة التي يحل فيها محل مصطلح التنظيم الاجتماعي. ونجد أن معنى التنظيم هذا واضح أيضًا في تعريف كروبر وكلاكهون للبناء، ألا وهو: «طريقة انتظام الأجزاء بعضها مع بعض». على أن البناء الاجتماعي لا يفهم فقط كتنظيم بين أجزاء وإنما يمكن أن يفهم أيضًا كشكل – أو إطار مجرد.
عموما البناء الاجتماعي هو تنظيم العلاقات الاجتماعية في كيان كلي واحد. ويرتبط هذا المفهوم للبناء الاجتماعي بمفهومي الوظيفة والتشكيل فيقرر راد كليف بران أنه عندما يستخدم مصطلح بناء فإنه يعني: "نوعا ما من الترتيب المنظم للأجزاء أو المكونات". فهو "تنظيم الأشخاص في علاقات منضبطة ومحددة مؤسساتيا"، وهو "شبكة مركبة من العلاقات الاجتماعية".
الدولة:
الدولة كيان سياسي – قانوني ذو سلطة سيادية معترف بها، في رقعة جغرافية محددة ، على مجموعة بشرية معينة. وكما هو الحال في مفهوم المجتمع ، فإن هذا التعريف للدولة ليس هو التعريف الوحيد، ويذكر أحد أساتذة السياسة العرب أنا هناك ما يقرب من مئة وخمسين تعريفاً للدولة، ولكن معظم التعريفات تحتوي على عناصر الحد الأدنى المشترك الذي أوردناه أعلاه. بعض التعريفات تحتوي على تفصيلات تدخل في معظمها في باب المقولات أو الأحكام القيمية. فالدولة عند هيغل مثلا، هي (تجسيد لأسمى فكرة أخلاقية)، وعند ماكس فيبر هي التنظيم الذي (يحتكر استخدام العنف المشروع في رقعة جغرافية معينة) . والدولة عند كارل ماركس هي تارة جهاز مستقل للعمل السياسي ، ولكنه جهاز طفيلي منعزل عن المجتمع المدني ، وهي تارة أخرى بمثابة (مجلس أدارة لمجمل البرجوازية في الدولة الحديثة)، هذه التفصيلات والتوصيفات مما سنعود إليه في مكان آخر، هي تنويعات كيفية وكمية على جوهر التعريف الذي أوردناه للدولة أعلاه.
أول عناصر التعريف هو إن الدولة كيان سياسي – قانوني. وينطوي هذا العنصر على حقيقة إنها بناء أو هيكل للقوة، تحكمه مجموعة من القواعد المقننة .ويتجسد هذا الهيكل في جهاز بيروقراطي ، مدني – عسكري – أمني . وتعني قواعده المقننة إن له صفات تتجاوز شخصانية الأفراد الذين يديرونه من ناحية ، وشخصانية الأفراد الذين يتعامل معهم هذا الجهاز من ناحية أخرى . فهناك تقنين لحقوق من يديرون جهاز الدولة وواجباتهم ، وتقنين لحقوق من يتعامل معهم جهاز الدولة وواجباتهم ( المواطنون أو الرعايا).
والعنصر الثاني في تعريف الدولة ، هو إنها ذات سلطات سيادية ، وينطوي هذا على إن هيكل القوة الذي تمثله الدولة هو نظرياً على الأقل أعلى هياكل القوة في المجتمع ، وله وحده دون هياكل القوة الأخرى مشروعية ممارسة هذه القوة ، بما في ذلك حق الاستخدام المنفرد للعنف . فرغم إن المجتمع قد يحتوي على تكوينات أخرى تملك وتمارس القدرة ( بمعنى القدرة على التأثير في سلوك الآخرين ، أو المشاركة في اتخاذ القرار أو توزيع الثروة ) مثل الأحزاب والنقابات أو الطوائف والقبائل والأسرة ، وغيرها من التنظيمات غير الحكومية . إلا إن الدولة وحدها هي صاحبة الحق في استخدام هذه الوسيلة من وسائل القوة ، ألا وهي العنف.
أما العنصر الثالث في التعريف هو الاعتراف بشرعية هذا الكيان السياسي القانوني ( داخلياً وخارجياً ) . والاعتراف داخلياً يعني إن أغلبية أفراد المجتمع يُقرون بحق هذا الكيان في ممارسة السلطة عليهم . وهذا الإقرار قد يتراوح بين الحد الأدنى وهو الإذعان ؛ والحد الأقصى وهو التأييد والاعتزاز . والإقرار بالحد الأدنى يعني عدم مقاومة سلطة الدولة ، أما الحد الأقصى فهو التهيؤ والاستعداد لحماية هذه الدولة والتضحية في سبيلها .أما الاعتراف خارجياً ؛ فيعني إن الدول الأخرى أو بعضها على الأقل ، تقبل بوجود هذا الكيان في الأسرة الدولية أو النظام الدولي .
وفيما يتعلق بالعنصر الرابع في التعريف هو شرط توافر الأرض أو الإقليم الذي تمارس عليه وفيه سلطة الكيان السياسي – القانوني . وهذا يعني إن لكل دولة حدوداً معروفة ، وعادةً ما يتوقف شرط الاعتراف الخارجي بالدولة على توافر هذا الشرط الجغرافي ، وبخاصة من دول الجوار .
في حين يعتبر العنصر الخامس والأخير في تعريف الدولة هو شرط توافر البشر قل عددهم أو كثر ، الذين يعيشون بشكل دائم على ارض ( أو إقليم ) الدولة . وعادة ما يعرف هؤلاء البشر باسم الشعب أو المواطنين أو الرعايا.
قد يبدو تعريف الدولة على هذا النحو معروفا في قانونيته، وهذا انطباع صحيح ، لان الدولة هي أولاً كيان سياسي ، قانوني ، ولأنها ككيان هذه طبيعته ، تحرص هي نفسها على تحديد تعاملاتها الداخلية ، وبشكل مقنن .ولكن هذه النزعة القانونية في تعريف الدولة، لا ينبغي أن تحجب صفاتها التاريخية الاجتماعية الأخرى، والتي قد تكون في الواقع بالأهمية نفسها. فالدولة بالمعنى القانوني الدستوري هي ظاهرة حديثة في التاريخ الإنساني، وإن كانت إرهاصاتها تعود إلى قرون سحيفة. فكل مجتمع بشري قد عرف شكلا أو آخر من أشكال التنظيم السياسي والسلطة السياسية، فلابد توجد جماعة بشرية بلا نظام للسلطة السياسية، سواء في شكلها البدائي البسيط مثل العشيرة أو القبيلة، أم في أشكالها الأكثر تعقيدا مثل الممالك والإمبراطوريات (التي قد تضم جماعات أو شعوبا متباينة). ولكن أشكال التنظيم السياسي السابقة على شكل الدولة الحديثة، لم تستوفي كل الشروط أو عناصر التعريف الخمسة التي أشرنا إليها أعلاه. لقد بدأ هذا الشكل السياسي المجدد الذي نطلق عليه مصطلح (الدولة الحديثة) أو (الدولة القومية) في الظهور والتبلور في القرون الأربعة الماضية، على الساحة الأوروبية. ومنها انتشر خارج أوروبا، حتى أصبح النمط السائد في النظام العالمي المعاصر.
ويؤرخ معظم الكتاب لبداية ظهور الدولة بهذا المعنى، بمعاهدة وستفاليا عام 1648م بعد حروب دينية طاحنة (حرب المائة عام، ثم حرب الثلاثين عاماً)، وهي المعاهدة التي أرست قواعد التعامل والعلاقات بين الأقطار الأوروبية، التي كانت تتكون منها الإمبراطورية الرومانية المقدسة. لم تنه هذه المعاهدة كل الإمبراطوريات الأخرى (العثمانية ، النمساوية ، والهنغاوية)، التي كانت قائمة في ذلك الوقت، ولم تمنع قيام إمبراطوريات جديدة، وبخاصة خارج أوروبا، وإن كانت مراكزها المهيمنة في أوروبا (مثل الإمبراطورية البريطانية الفرنسية). ولكن معاهدة وستفاليا أرست البذور الجنينية لظهور الدول القومية في بعض  دول  أوروبا  ذاتها،  ومنها  انتشر  هذا  النمط  من  أنماط  التنظيم السياسي في بقية أوروبا والقارات الأخرى في القرون اللاحقة ، حتى أصبحت (الدولة) هي الوحدة الأساسية في التنظيم العالمي المعاصر. فالأمم المتحدة (ومن قبلها عصبة الأمم) لا تقبل في عضويتها الكاملة إلا (دولا) بالمفهوم الذي عرفناه.
يتداخل مع مفهوم الدولة مفاهيم كثيرة من بينها مفهوم الحكومة الذي يعتبر من أكثر المفاهيم تداخلا واختلاطا في الأذهان بمفهوم الدولة. الحكومة هي جزء من الدولة، بل أهم أجزائها. والحكومة هي الجهاز التنفيذي للدولة الواقعة أو المتوقعة. بينما مفهوم الدولة هو مفهوم مركب ومجرد (إذ لا أحد يقابل الدولة أو يراها)، فإن الحكومة ملموسة بأجهزتها وأشخاصها وسياساتها وممارستها. فهي الموظف المدني، ورجل الشرطة، وجندي القوات المسلحة، وجامع الضرائب، وهي المباني والمؤسسات. الدولة هي كيان يحتوي الحكومة كجهاز تنفيذي - إداري، لكنه يحتوي أيضا مؤسسات وأشياء ومعاني وآليات ضبط اجتماعية أخرى. فإلى جانب الجهاز التنفيذي الإداري (الحكومة)، هناك سلطات أخرى مثل سلطتي التشريع والقضاء، وهناك مؤسسات غير حكومية ولكنها تخضع لقواعد الدولة وسلطانها، وهناك الشعب والأرض اللذان يكونان ركنيين أساسيين من أركان الدولة. والاعتراف الداخلي أو الخارجي بدولة معينة، قد لا يمتد دائما إلى حكومة هذه الدولة. فأغلبية مواطني الدولة قد يعارضون أو حتى يقاومون حكومة هذه الدولة ويسحبون شرعيتها، ولكن ذلك لا ينطوي بالضرورة، ولا في معظم الأحيان على سحب ولائهم للدولة أو اعتزازهم بالانتماء إليها.
في ضوء الحديث عن الدولة ككيان سياسي، فإنه لابد من الحديث عن النظم السياسية للدولة وأنواعها. وهنا يمكن التمييز بين ثلاثة أشكال للنظم السياسية في ضوء النظام الجمهوري الأول: نظام الحكم الرئاسي، الذي تعبر عنه الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يقوم على اساس محورية دور السلطة التنفيذية في العملية السياسية، ولاسيما في المجال الخارجي حيث يتمتع رئيس الدولة بسلطات واسعة، مع نوع من التوازن في المجال الداخلي بين سلطة الرئيسة وسلطة البرلمان، أي أن هناك رئيسا قويا وبرلمانا يحتاج كلاهما إلى الآخر لأداء عمله فنجد مثلا أنه في حين يحتاج الرئيس لأخذ موافقة البرلمان عند تعيين وزرائه، فإنه من اللحظة التي يتم فيها تعيينهم، لا يعود للبرلمان سلطات عليهم، وكذلك في الوقت الذي لا يستطيع فيه البرلمان سحب الثقة من الرئيس، فإن الرئيس بدوره لا يتمتع بسلطة حل البرلمان. الثاني: هو نظام حكم الجمعية الوطنية، كما جسدته فرسنا في ظل جمهوريتها الرابعة التي امتدت من نهاية الحرب العالمية الثانية، وحتى وصول ديغول للسلطة عام 1958. وقد أقر هذا النظام أولية السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية، حيث تحولت لجنة الشؤون الخارجية التابعة للبرلمان (الجمعية الوطنية)، إلى جهة تتولى جمع المعلومات، ومساءلة الوزراء، وكبار المسئولين بخصوصها. ولقد كانت هنالك مجموعة من العوامل الداخلية التي أدت إلى إتباع فرنسا هذا النظام،  أهمها ضعف الوزارات، وقصر عمرها وانشغالها بالخلافات التي أدت إلى إتباع فرنسا هذا النظام، أهمها ضعف الوزارات، وقصر عمرها وانشغالها بالخلافات الحزبية. لكن مع بداية عهد الجمهورية الخامسة في عام 1958، أعاد ديغول التأكيد على أهمية دور السلطة التنفيذية في العملية السياسية، فأصبح ذلك في ما بعد بمثابة النواة لنظام سياسي يجمع بين الصفتين الرئاسية والبرلمانية. الثالث: هو نظام الحكم البرلماني الذي ترمز له بريطانيا ويقوم على تحقيق التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، بحيث يتمتع البرلمان بالحق في سحب الثقة من الحكومة، مقابل تمتع الحكومة بصلاحية حل البرلمان، ففي النظام البرلماني تنفصل رئاسة السلطة التنفيذية المتمثلة في شخص رئيس الوزراء عن رئاسة الدولة المتمثلة في شخص الرئيس أو الملك، ويقوم رئيس الوزراء بمهمة الربط بين الرئيس من جهة، والحكومة والبرلمان من جهة أخرى، عن طريق الاجتماع الدوري بالرئيس أو الملك، وإطلاعه على أهم التطورات السياسية. ويمتد مبدأ التوازن في هذا النظام من المجال الداخلي إلى المجال الخارجي، حيث تجد مثلا أن مجلس العموم في بريطانيا هو صاحب الحق في إعلان حالة الحرب وليس رئيس الوزراء.
أما النظام الملكي الدستوري أو الملكية المحدودة هو شكل من اشكال الحكم المنشأ بموجب النظام الدستوري الذي يقر انتخاب أو وراثية الملك بوصفه رئيسا للدولة، بدلا من ملكية مطلقة، حيث العاهل ليس ملزما بموجب الدستور وهو المصدر الوحيد السلطة السياسية. (المملكة المتحدة هي ملكية دستورية، على الرغم من أن ليس لديها دستور مكتوب فعلي.) عمل الحكومة وسريان القانون في إطار نظام ملكي دستوري هو عادة مختلف تماما عن ذلك في ملكيه مطلقة.
معظم الملكيات الدستورية تتخذ شكلا برلمانيا، مثل المملكة المتحدة، كندا، إسبانيا أو اليابان، حيث العاهل يمكن اعتباره رئيس الدولة ولكن رئيس الوزراء يستمد القوة بشكل مباشر أو غير مباشر من الانتخابات، هو رئيس الحكومة.

على الرغم من أن معظم الملكيات الدستورية الحالية هي ديمقراطيات نيابية، إلا أن ذلك لا يعني أن كل الدول الملكية الحالية تدخل في هذه الخانة، فهناك ملكيات وراثية غير دستورية.

0 Reviews:

Post a Comment